للكلمة ثمن…

كم من الجثث استلقت على هذه الارض وكم من اشخاص علقت مشانقها بين الارض والسماء وكم من الارواح صعدت. فبقيت احلام المتفائل معلقة على لوائح المهاجرين.
لكن نحن بقينا هنا، حاولنا…ومازلنا.
نحن اصحاب الاحلام المنسية في بقاع الوطن. نحن الاعداد المجهولة في صفحة كتاب بلا عنوان في وطن سلب منا جميع حقوقنا الإنسانية.
مازلنا قابعون في زوايا حكايات المجد المركونة في داخلنا. لا احد يسمع صرخات القهر التي تسكن قلوبنا.
نحن المنسيُّون بلا كتفٍ ولا سند. مكتئبون نجلسُ على حافةِ العمر، نحتسي اخر فنخان قهوة مرة، ننظر نحو السماء من خلف قضبان النافذة في عتمة الليل بانتظار وطن. نحن اصحاب الكلمة المستهدفة من الجميع. الفئة المقموعة والممنوعة من إلقاء حتى كلمة.
Angel Siblani
ايها الساجدون على سجاد الصلاة في الغروب كيف يحيا الصباح والنور في وجدان الأمة النائمة؟
أيّها العالم الخلفي نحن اصبحنا خلفكم بأشواط، نحنُ الذين نُسينا هنا، خلف الجدار الفاصل بين الله وعباده.
فليشهدَ اللهُ أنه لم تصبنا لعنة الضعف أبداً.
واللهِ انا كنا كالحجارة َالثابتة، كالشوك المالح وكالصخر الصلب. وما كنا لينا كريح دافئة الا لنحمل الوعي. علنا نحيا بهذا اللين. كنا نسير ونركض في الشوارع الخالية نصرخ ونردد اغنية الحب والحرية لننشر الفرح في قلوب اليائسين.
Tweet
فليشهد الله انا كنا اطيب من ان نجرح احد واهدأ من ان يلقى بنا في سرداب المدينة التائهة.
كانت قلوبنا ثابتة تسير بعين الله، صابرة على مصائبها. حتى اصبحنا ننتشل جثث اطفالنا واجساد اصدقاء الدرب المدهوسة في اطراف الشوارع.
لقد كنا هناك في أكثرِ الاوطان اخضراراً، حباً وترابطاً ،نغفو بلا أذى ،ونصحو على صدى الحرية.
وطن هي امي، منفاي وملاجئي. فأينما حللتُ حلّتْ معي. امسك يدها وتمسك بي، تدور بي في الحقل المزهر فيطير فستاني الذي حيكته بيديها، تزرع على وجهي الضحكة وفي قلبي الأمل وازرع على نهديها الامان وابني من عينها مرقدي والسلام.
احتلنا الظلام فجأة وحجب ضوء الشمس.
كنّا هناك نحيا بالحب، لا نكرهُ ولا نُكرَه، لا نقتلُ ولا نُقتَل ونبغضُ الشرَّ ونأمل بالعافية، حتى نما مِن أَعماقِ ارضنا السوداءِ سَرطانٌ مُظلِمٌ يُقالُ عنه الفساد. كان يحتّل ابنية الحُبِّ بأسلحةِ الكُره يشعل النار في زرعنا ثم يزرع الشر في أرض بور قاحلة. لقد سرق اثارنا وتراثنا. كما ضحكتنا وفرحنا.
مضينا نتخبط، نسابقُ الزمنَ لِكي نبقى هنا كي نشهد شروق الشمس من خلف الكواليس، نرفض ان يفرض علينا الغروب.
لا ندري كيف يُزرع في رصاص الغدر زهر، كيف نبدل بنادق القهر والذل الى رحمة واسعة. ولا ندري إن كان مَن يأتي ليقرأ بعض كلماتنا سيتفهم ويتقبل منا ويعذر يأسنا.
دفعنا ثمن كلمة الحق ثمنا باهظا. فليشهد من يقرأ ظلال الاحرف المقموعة اننا كنا نحارب الظلم بقلم حر لا ينتسب الى أحد ولا يطمح بربوبية التبعية ابدا فنال الظالم منا.
Tweet
انتصرنا على الريح لكن العواصف اغتالت حريتنا ولم يبقى لنا ما نحيا به في وطن دهس بنعليه على قلمنا وشتت احلامنا وشرذم كلماتنا
فـ هاجرنا كما وطن هذا الوطن… لكن قلوبنا مازالت قابعة خلف نوافذ الحرية تترقب شروق الشمس ونترقب بكلماتنا زوال الظلم عسى ان تتحقق احلامنا.
حتماً.. القاتل يرعبه الفكر الحر
2 replies on “بين القلم واغتيال الكلمات”
Well said so touching.
LikeLiked by 1 person
🙏💙
LikeLiked by 1 person