Categories
Social life

أما الآن


نظرة نحو المستقبل القريب

و انا ايضا ترهقني كلماتي..
سأقرأ ما كتبتُ غدًا وأهز رأسي وأنعت كلماتي بالسذاجة وربما أمسح ما دونت… لكن الآن يبقى مختصر ما بقي عاجزا عن الكتابة.

حاجز الصمت يلتف حول عنقي يغوص داخل أسوار قلبي بعمق، يجذف في سبيل الخلاص، من شتات الروح و اعدام النفس، و من قعر التربة اليابسة تولد عناقيد الحصرم التي تعتصر في عيوني حيناً و على أوردتي المبتورة حيناً آخر.


مشاكسة، أعني أن كلماتي متهورة بلطف، او ربما المقصود بها انني لم اجد مفرا يردعني عن الكلام و لم اصل الى بوابة الهروب كي اتخلص من شمولية الأفكار التي أريد إيصالها، حتى و لو تنافرت، قد تكون اعتراضات على ما يعتقد البعض، إنما الحق ها هو الذي يرفع صوته ضد إختلاف القضية. لذا الثابت، خائبة الكلمات لا تولد إلا عندما يعجز القلم عن تدوين سطر واحد يوصف حالة الحزن والأسى الذي يحتل عيون الفقراء، فتبقى اللذعة المجنونة رهن المحاكمة التعسفية و الإعدامات الشاملة

المشكلة ليست بتهور الكلمة او بجرعة الاحرف المسمومة، المشكلة بالاندفاعية الكاملة التي تضمن إنهياري دفعة واحدة. قد يكون سبب المسبب الأساسي لهذا الاندفاع شفافا لكن متاهة قلم الرصاص عناية فائقة تخفف استهلاك الطاقة لساعة واحدة بعد الشكوى الى ان ينقطع النفس و ينتهي ضجيج خفقان القلب امام براءة عيون الأطفال المهمشة، التي تعيش في ملجأ عمومي، خلف اسوار المقابر يسرقون الحياة المعدومة.

امام عظمة عيون الفقراء انحني، ارقّع جلباب الامة من بريق الماس المتألق في عيون الاطفال المشردة. امة تخاطب بإسم الدين و سقيفة القوافي الانسانية، و تعبر فوق اجساد الفقراء كجسور ممتدة من رتابة القاع الانساني الى كرسي السلك الدبلوماسي. ثم يسألونك عن الجبال فقل سينسفُها ربي نسفا لذا دعك من اقاويل الأبطال التي تتحدث عن راحة بال الفقراء و أرمي قوارير القضاء و القدر على الله.


هذه الاجيال ماضية في طريقها ولن توقفها اي قوة سياسية و لن تردعها حطام الانهيارات الاقتصادية و الاحتكارات المحلية او تحد مسيرتها الضغوطات الإقليمية أو الدولية، ولن توقف مسيرتهم خطابات العمالقة الرنانة و لن يرهبهم القتل ولا الحبس ولا حتى وباء العالم. فلا وباء افظع من وباء الظلم والقهر و الجوع. فمهما انخدعوا بشعاراتهم أو هتافات الرعية، انهم يواكبون طريقهم الا متناهي حتى لو تآمرت طاغية العالم عليهم.


علينا أن نعي أن الأجيال القادمة عبارة عن فلاذ و عناقيد غضب موقوتة، إما أن نؤدي خدمة حقيقية لهذا الجيل بكل شفافية و إنسانية أو علينا ان نتنحى جانبا ونفسح المجال أمام الذين يخوضون حربهم ضد الفساد و الطغاة و الاستبداد والقمع والسلوك العدواني الى أن ينتصرون لنفسهم وانفسنا الخاضعة لأحكام هذا القانون المستبد.


فليخرس ضجيج الصمت القاتل، فلينفجر و يكسر جميع الحواجز التي تقف وراء الوجع الحقيقي بعيدا عن التكلفة لأن الثمن حتما سيكون باهظا، و سندفع ثمن تقصيرنا و سكوتنا جميعنا دون استثناء.

One reply on “أما الآن”

Leave a Reply

Please log in using one of these methods to post your comment:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s